الثقة أمر حيوي لسعادة الطفل والحفاظ على صحته ونجاحه، فالأطفال الواثقون من أنفسهم مجهزون بشكلٍ أفضل للتعامل مع الضغوطات والمسؤوليات والإحباطات والتحديات والعواطف الإيجابية والسلبية، فيما يلي بعض الإرشادات التي يمكنك من خلالها التأثير على تقدير طفلك لذاته بطريقة إيجابية كل يوم.
علّم طفلك أنه لا داعي للخوف من الغرباء طالما يتبع قواعد الأمن والسلامة التي علمتها له، ولا تجعله يتعلق بك للدرجة التي تجعله تعلقًا مرضيًا، وكذلك لا تبالغ في تحذيره من الآخرين، لأن خوفك الزائد عليه قد ينقلب ضده ويجعله يتخذ موقفًا عدوانيًا ضد أي شخص غريب، ومن ناحيةٍ أخرى، احذر أن تصفه بـ "الخجول" خاصةً أمام أصدقائه، لأن ذلك سيُعزز شعوره الذاتي بأنه طفل غير طبيعي مثل أقرانه، وأنه يعاني من خجل اجتماعي مرضي، فلا تنسَ أن الطفل الخجول يكون شديد الحساسية فلن ينسى كلمتك هذه، وتذكّر طوال الوقت أنه من المفترض أن تكون سنده الذي لا يخيب ظنه أبدًا مهما حدث.
لا تتردد في إجراء محادثات مفتوحة مع الطفل حول سبب شعوره بالخجل، فحديثه عن مشكلته سيُعيد مستويات التوتر لديه إلى طبيعتها تدريجيًا، مما سيجعله يشعر بالأمان، ولترى نتيجة فعّالة لذلك، عليك أن تسمح لطفلك "بوقت خجل" تساعده خلاله على استكشاف النتائج السلبية المحتملة، فمثلًا يمكن أن تضبط عداد الوقت لمدة عشر دقائق، وتطلب منه أن يتخيل موقفًا يشعره بالخجل وفي نهاية هذا الوقت، اعمل على إيجاد حل أو أسلوب للتأقلم لمساعدته في التصرف حيال هذا الموقف المحرج الذي تخيله، فهنا ستزداد ثقته في نفسه.
عزّز ثقة الطفل في مهاراته وقدراته، واجعله يشعر بثقتك في هذه المهارات وتلك القدرات، لأن هذا سيجعله يشعر بأنه قادر على التصرف بشكلٍ صحيح وأن هناك من يؤمن به، ولكن افعل كل هذا دون أن تضعه في مواقف تشعره بالخجل بشكلٍ إجباري مفاجئ، لأن هذا لن يضع حلًا للمشكلة، بل سيزيد من تفاقمها، لهذا لا تطلب منه أبدًا أن يدفع الحساب في المتجر فجأة دون أن تُنبهه قبلها، أو تجبره على محادثة شخص يخجل أمامه في الهاتف بشكلٍ مفاجئ دون أن تأخذ رأيه.
إذا لاحظت أن طفلك لا يحسن التصرف، لا تنقض عليه وتنقذه على الفور، فالأفضل من ذلك أن تسمح له بالتجربة، فربما يفاجئك هو بقدرته على تصحيح مساره، ويتمكن من حل مشكلته، فإذا اعتاد الطفل على أنك ستنقذه في أي وقت، لن تتكون ملامح شخصيته، ولن يعرف ما هي نقاط قوته، وما هي مواطن ضعفه، وبالتالي سينعدم شعوره بالثقة، وسيزداد إحساسه بالخجل، لذلك عليك أن تمنحه مساحة الاختيار واتخاذ القرار في بعض المواقف.
مساعدة طفلك على تكوين صداقات ستُحسن مهارات التواصل لديه، وبالتالي سترفع مستوى ثقته في نفسه بشكلٍ كبير، ويمكنك البحث عن أصدقاء مناسبين لابنك من خلال زيارة حديقة يلعب فيها أطفال من نفس عمره على سبيل المثال، لكن انتبه أن يدفعك حماسك لهذا إلى إجباره على التفاعل مع أطفال لا تتفق سماتهم الشخصية مع سماته الشخصية، أو يشكلون خطرًا على منظومته الأخلاقية والتربوية، أو أن تضعه في مقارنات مع أقرانه طوال الوقت، لأنك بذلك ستكون وضعت حدًا لمشكلة حقًا، لكنك خلقت مشكلة جديدة.
اقرأ ايضاً: كيف تساعد طفلك على تكوين صداقات؟
إذا كنت تعلم أن هناك موقفًا قادمًا قد يهز ثقة طفلك في نفسه، أو سيجعله يشعر بأي درجة من درجات الخجل، قم بإعداده قبلها قدر الإمكان عبر تحديد له ما سيحدث ومتى وكيف بشكلٍ تفصيلي، فبمنحه أكبر قدر ممكن من المعلومات سيصبح الموقف بالنسبة له مألوفًا، وهذا سيُعزز ثقته في نفسه وسيسهل مهمته.
وعلى الرغم أنه قد لا يمكن التنبؤ بكل جانب من جوانب الموقف، إلا أن إيصال إحساس عام له بالمعرفة سيساعده على الشعور براحة أكبر، فمثلًا إذا كان طفلك قلقًا حيال الدور الذي سيلعبه في المسرحية المدرسية، وأخبرك بأنه يشعر بالخجل عندما يقوم بالتمثيل أمام عدد كبير من الجمهور،
يمكنك مساعدته بأداء المسرحية أمام جمهور من ألعابه من الحيوانات، ليتخيل الموقف ويتعلم كيفية احتوائه معك خطوة بخطوة، كما يمكنك أن تجعله يتجول في المسرح عدة مرات قبل موعد المسرحية حتى يشعر أنها بيئة ليست غريبة عنه وقت العرض.
إحدى أفضل حيل الثقة الفورية هي تشجيع الطفل على تغيير لغة جسده؛ فعندما يشعر الطفل بالإحباط عادةً يميل إلى النظر نحو الأسفل، وتنحني أكتافه إلى الأمام بسبب شعوره بالثقل ونقص الطاقة، وهو ما يجب عليك أن تغيره إلى وضع الوقوف بشكل مستقيم، وسحب الكتفين للخلف، والنظر للأعلى مع ابتسامة على الوجه، فهذا سيجعل طفلك يشعر بسيطرة على الموقف وثقة أكبر، وسيجعله يفكر بمزيد من الإيجابية والحيوية.
يمكنك مساعدة أطفالك على فهم أنه من الطبيعي مواجهة التحديات من خلال مشاركة الصعوبات التي تواجهك معهم، فبإمكانك أن تخبر أطفالك عن مشاكلك في العمل أو مع أصدقائك، والصعوبات التي تواجهها، والأهم من ذلك، ما الذي تفعله للتغلب على هذه التحديات، ويمكنك أن تطلب آرائهم، ليتقبلوا فكرة أن يكونوا ضعفاء، وتتحسن ثقتهم في أنفسهم، ويُعزز ذلك أن تشجعهم على القيام ببعض المهام البسيطة في سن مبكرة لتحسين الشعور بالمسؤولية، مثل:
اقرأ ايضاً: كيف يمكن تربية أطفال يتحملون المسؤولية؟
يحتاج الأطفال إلى أساس متين للنمو والتطور ليصبحوا بالغين ناجحين ومتكيفين جيدًا مع البيئات التي يتعاملون معها، وجزء رئيسي من إرساء الملامح الأساسية لشخصية الطفل ينطوي على غرس الإحساس بقيمته الذاتية في نفسه، وعلاج مصادر القلق التي تجعله يشعر بالخجل الاجتماعي، فالثقة تساهم في إنجاحه مهنيًا وعقليًا وعاطفيًا لاحقًا؛ إذ تساهم تنمية الثقة في تحسين السلوك الاجتماعي الإيجابي، وتعمل كحائط صد يحميه في المواقف السلبية.
اقرأ ايضاً:
- كيف يمكن علاج الخجل والانطواء عند الأطفال؟
- القلق والخوف عند الأطفال.. الأعراض وطرق العلاج