يمكن تعريف الشجاعة بأنها القدرة على اتخاذ خيار جيد في مواجهة الخوف والقلق، ورغم أنه من الصعب معرفة ما الذي يخيف الأطفال، فقد يرتجف البعض عند رؤية كلب، وربما يشعرون بالقلق عند تجربة أشياء جديدة أو عند الذهاب إلى المدرسة، ومن المرجح أن تكون المرتفعات مصدر خوفهم الأساسي، ولكن بغض النظر عما يخيفهم، تبقى الشجاعة هي المفتاح للسيطرة على الشعور بالخوف لديهم، ليتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم في أي وقت، وزرع الشجاعة في الطفل منذ الصغر يعني عمليًا تمكينه من اتخاذ قرارات ذكية ومستنيرة في مواجهة كل من المخاوف المشروعة وغير المشروعة، فكيف يمكن دعمه لتحقيق ذلك؟
إذا كنت تريد أن يكون أطفالك شجعانًا، فعليك أن تكون شجاعًا أمامهم، لهذا، اسمح لهم بمشاهدة خروجك من مناطق راحتك وأمانك، وواجه خوفك معهم، فإذا كنت تخشى التحدث بالإنجليزية أمام الآخرين خوفًا من عدم إتقان نطقها، خذ دروسًا في تعلم المحادثة بالإنجليزية، وواجه خوفك وقلقك، واخبرهم الأسباب التي دفعتك لاتخاذ هذه الخطوة، لأنك عندما تظهر لهم القوة التي تمتلكها للقيام بالشيء الصحيح رغم ما يتطلبه من جهد، تشجعهم على أن يكونوا أبطال قصتهم، فيواجهون مخاوفهم، ويدافعون عن أنفسهم.
لا شيء يولد الجبن مثل الخوف من الفشل، وبإخبار طفلك أنه لا بأس من الفشل، ستساعده على التحلي بالشجاعة، والدفاع عن نفسه، لهذا، ذكّر طفلك أنه في كل مرة يفشل فيها أنه لا بأس من الفشل طالما المحاولة لم تتوقف، لتدعه يعرف أنه من الجيد التراجع أو قضاء بعض الوقت لإعادة تجميع صفوفه أثناء الاستعداد النفسي لمواجهة موقف أو تحدٍ صعب؛ إذ تتطلب الشجاعة الأمن والكبرياء، ويقين طفلك بأنه بغض النظر عن مدى سوء الأمور، سيكون هناك دائمًا نظام دعم يساعده على النهوض من جديد، يجعله يتغلب على أحد أكبر مخاوف الناس، وهو الخوف من الرفض.
الجنود ورجال الإطفاء والإسعاف هم أبرز أمثلة على الأبطال الشجعان خاصةً في ذهن طفلك، والمشترك بين جميع هذه الأمثلة هو أن هؤلاء يقومون بأدوار فعّالة لها تأثير حقيقي واضح في المجتمع، لهذا إذا كنت ترغب في تعليم طفلك الدفاع عن نفسه وعن الآخرين، فعليك أن تسند إليه مهام ومسؤليات يمكن من خلالها إثبات قدرته على التصرف بشجاعة، فمثلًا عندما يذهب ابنك الكبير مع شقيقته إلى المدرسة، اطلب منه أن يطمئن عليها ويتحقق من سلامتها، فهذا سيشعره بالمسؤلية التي ستدفعه إلى التصرف بشجاعة تلقائيًا عند الحاجة.
إن بناء أطفال شجعان يعني مساعدتهم في سن ما قبل المدرسة على التحدث مع أنفسهم بطريقة بناءة وإيجابية لكي تزداد ثقتهم في أنفسهم، فيستكشفون مهارات وقدرات جديدة في شخصياتهم تجعلهم قادرين على القيام بالعديد من الأنشطة، مما يدعم قدرتهم ليس فقط للدفاع عن أنفسهم، بل وزيادة فرصهم في النجاح كذلك، لأن هذا يزيد احتمالية تحويل تجاربه الجديدة إلى تجارب إيجابية ناجحة، ويقلل من تأثير الأفكار السلبية التي قد تراوده، وتعمل على إحباطه.
إن بناء شبكة مع العائلات المتشابهة في التفكير مفيد في تعليم ابنك الدفاع عن نفسه، لأنه من المهم الحصول على التشجيع من الأصدقاء والمقربين عند الانغماس في مغامرة أو تجربة صعبة ومعقدة، ويوفر المجتمع المنسق والشجاع بيئة أكثر أمانًا يمكن للعائلات من خلالها تعليم الأطفال الشجاعة من خلال مبدأ المعاملة بالمثل، والاحتفال بالممارسات الشجاعة ومكافأتها، وجدير بالذكر أنه لم يفت الأوان أبدًا لتغيير البيئة المحيطة بالطفل قليلًا إذا لم تكن على هذا النحو، ويكون هذا عبر تعريف الطفل على أصدقاء جدد، وحثه على الاختلاط بنماذج شجاعة في أنشطة اجتماعية مختلفة.
عادةً، يقلل الأطفال من مستوى الشجاعة الذي يتحلون به، لذلك، ساعد أبنائك على تغيير وجهة نظرهم في مدى شجاعتهم من خلال الاحتفاظ بمذكرات مغامرات في اليوميات الخاصة بهم، بحيث تنطوي هذه المذكرات على جميع المغامرات التي مروا بها، وانصحهم بالكتابة عن كل الأوقات التي كانوا فيها شجعانًا، وجربوا أشياءً جديدة، وحثهم على تحديث هذه اليوميات بانتظام مع إضافة صور أو رسومات أو تذكارات صغيرة تجعلهم يتذكرونها بشكلٍ أفضل، ويمكنك تضمين تفاصيل حول مدى جودة أداء طفلك أو مقدار المتعة التي حظي بها في هذه المواقف.
إن امتلاك الشجاعة يساعد الأطفال على المثابرة ضد التحديات، وفي أثناء ذلك يزيد من تقديرهم لذواتهم، وعندما يشعر الأطفال بالرضا عن أنفسهم ويرون أن لديهم القوة الشخصية لاتخاذ خيارات شجاعة، تتضاعف احتمالية أن يعيشوا حياة مرضية وناجحة على المستوى الشخصي يكونون من خلالها قادرين على الدفاع عن أنفسهم، ويحتاج الأطفال في هذا الصدد إلى التمارين الجيدة والأطعمة الصحية والتعليم الشامل، كما يحتاجون أيضًا إلى مساعدتك لهم في بناء الثقة والمهارات حتى يصبحوا أبطال اليوم وقادة المستقبل.