في خضم ارتفاع مستويات التمييز والعنف ضد المرأة، أصبحت تربية رجال يحترمون المرأة أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأن احترام المرأة وعدم التمييز بينها وبين الرجل في أي شكل من أشكال المعاملة ضرورة للحفاظ على تطوير مجتمع تكاملي متقدم، يحافظ على حقوق كل من يعيش فيه، وهناك طرق عديدة يمكن اتباعها إذا أردنا حقًا تربية أطفالنا على احترام المرأة، فكيف نربي رجالًا يحترمون المرأة في أي وقت وأي مكان؟
الأطفال مقلدون، وما يرونه في سن مبكرة يلتصق في أذهانهم، لذلك إحاطة الطفل بنماذج إيجابية تحترم المرأة يمكن أن يحتذى بها من الذكور سيظهر أهمية احترام المرأة لابنك بشكلٍ واضح، فيجب أن يكون الآباء والأجداد والمعلمون والمدربون ورجال الدين الذين يحتك بهم يؤمنون بأهمية احترام المرأة، بل ويجب أن يظهر القادة الذكور الآخرون وشخصيات السلطة المرموقة أمثلة رائعة على احترام المرأة، وإذا وجدت رجلاً لا يحترم المرأة وتوجد بينه وبين ابنك صة تواصل ما، يفضل أن تحاول تقليل تعامل ابنك معه، أو أن تناقش ابنك حول أفكاره حتى تكون تلك المناقشة رادع لتأثير الأفكار السلبية عليه.
صحيح أننا على دراية بحقوق النساء التي تتضمن احترام المرأة في المجتمع، إلا أن الأبناء الصغار ليسوا كذلك، كما أنهم قد لا يفهمون المقصود بها بالضبط؛ فيمكن أن تناقش معهم حقوق المرأة السياسية، وكيف كافحت للوصول إليها على مر التاريخ، وتتطرق إلى حقها في التصويت في الانتخابات، وكذلك حقها في العمل دون التعرض لأي مضايقات أو ممارسات عنصرية، وإذا كان ابنك في سن المراهقة، لا تتردد في الحديث معه عن قوانين الاغتصاب والتحرش، وضرورة عدم إصدار أحكام عامة على النساء، مع التركيز على أن البشر يجب أن يكونوا قوة من أجل الخير في العالم، ولا تنسَ أن أطفالك يحتاجون إلى الحقيقة الكاملة والكثير من الحب ليصبحوا بالغين مسؤولين لاحقًا.
إذا كنت ترغب في أن يصبح أبنائك أزواجًا يدعمون زوجاتهم في متابعة التطور المهني والشخصي، ويكون احترام المرأة بالنسبة لهم من المسلمات، يجب أن تبدأ بنفسك، وتكون أمامهم قدوة حسنة لأب يدعم أمهم لاستكمال تعليمها، وتحقيق التقدم المهني في العمل، وبذل الجهد من أجل رفاهيتها الشخصية، فتشجع الأم أمامهم على المشاركة في دورات عبر الإنترنت، وقراءة الكتب التثقيفية، وحتى الذهاب إلى الندوات، على أن تقدم لها كل الدعم الذي تحتاجه، سواء عبر مشاركتها في تحمل مسؤولية مهام المنزل خلال الأوقات التي لا تقدر فيها على تحملها، وكل هذا لن يحدث إلا إذا كنت تؤمن من داخلك بأن زوجتك تستحق فرص النمو تمامًا مثل الرجل.
احرص على عدم السماح لابنك بمشاهدة المحتوى الذي لا يتناسب مع عمره أو الذي يُمجد العنف ضد المرأة لأولئك الذين يشجعون على عدم احترام المرأة، لأن هذا النوع من المحتوى يُقلل من احتمالية إظهار التعاطف واللطف لديهم، ولا تنسَ أن تُذكّر ابنك أن الأفلام والألعاب وأنواع المحتوى الأخرى التي تعكس النساء ككائنات أحادية البعد لا تعكس حقيقة المرأة، وكذلك أن المواد الإباحية تحط من قيمة المرأة ويجب عليه تجنبها، ولكي تضمن حماية طفلك من هذه المواد، ضع ضوابط الرقابة الأبوية المناسبة على الإنترنت سواء عبر تطبيقات الرقابة الأبوية، أو عبر استخدام محركات بحث مخصصة للأطفال.
عندما تقول هذه الجملة، كل ما تقصده بها هو تحفيز ابنك، وتقوية رباطة جأشه في بعض المواقف، ولكن يمكن أن يكون لهذه العبارة الشائعة آثار سلبية لا حصر لها على احترام الطفل للمرأة، فالصور النمطية للجنسين تقلل من شأن الجميع ليس المرأة فقط، لهذا من الأفضل حذفها من مفردات عائلتك، والانتباه إلى اختيار مرادفات لغوية مناسبة تعبر عن نفس المعنى لكن تجعل لغتك أكثر شمولاً بين الجنسين بشكل عام؛ إذ سيعزز ذلك ثقة ابنك وكل النساء والفتيات من حوله، لأن الاحترام المتبادل هو كل شيء، وانتبه لأن الأولاد عندما يحتفظون بمشاعرهم تجاه أنفسهم ويحاولون عدم البكاء، يمكن أن ينتهي الأمر بهم إلى التعبير عن المشاعر بطرق سلبية تضر صحتهم النفسية.
لا تتردد في تعريف ابنك على نماذج عظيمة لنساء ساهموا بجهودهم في خدمة البشرية خلال فترات مختلفة من التاريخ سواء بجهود بذلوها، أو خدمات قدموها، أو اختراعات ابتكروها، أو اكتشافات كان لهن الفضل في ظهورها للنور، ويمكن دعم الحديث عن هذه النماذج بمواد مرئية مثل الصور ومقاطع الفيديو، وكذلك يمكن تعزيز ارتباط الأبناء بهذه الأمثلة من خلال تقديم أمثلة لفتيات من العائلة أو لنماذج من نفس موطنهم أو دينهم أو تتمتع بمهارة لديهم أو تهتم بنفس اهتمامتهم؛ فعلى سبيل المثال؛ إذا كان طفلك يرغب في أن يصبح طبيبًا في المستقبل، انتهز هذه الفرصة لتعريفه على "سيدة المصباح" ورائدة التمريض، فلورنس نايتنغيل.