يستخدم الأطفال أشكالًا متعددة من الأجهزة الذكية في حياتهم اليومية، فيستخدمون الأجهزة اللوحية وهواتف محمولة وأجهزة لابتوب، وفي كثير من الأحيان يفرطون في استخدام هذه الأجهزة بحيث يقضون معظم يومهم في متابعة أشكال مختلفة من المحتوى عليها، وهو ما يجعل لهذه الأجهزة تأثيرات عديدة على صحتهم النفسية والجسدية وحياتهم الاجتماعية، منها ما هو سلبي ويجب تفاديه، وما هو إيجابي ويُنصح بتعزيزه، فما هي أبرز هذه التأثيرات؟
الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية يصاحبه آلامًا عديدة في عضلات وأعصاب وأوتار الظهر والكتف والرسغ بسبب المقاعد غير المريحة، والجلوس لفترة طويلة في وضعيات غير صحيحة، والتراسل عبر برامج الدردشة لفترات طويلة، ويمكن لأجهزة الكمبيوتر المحمولة أن تؤدي إلى تفاقم الأمور، لأن الشاشة ولوحة المفاتيح تكونان قريبتان جدًا فيقوم الأطفال إما برفع أكتافهم للكتابة، أو تحدبها للرؤية.
يؤدي التعرض المطول لشاشات الكمبيوتر والهواتف إلى إجهاد العينين؛ إذ يقول الخبراء أن البصر الجيد يعتمد إلى حد كبير على التحديق في أشياء ذات مسافات متفاوتة، وتظهر الأبحاث أن الأطفال الذين يدمنون ممارسة ألعاب الكمبيوتر هم أكثر عُرضة للإصابة بمشاكل في العين أثناء نموهم.
يمتلك أكثر من 72% من الأطفال جهازًا واحدًا على الأقل في غرفة نومهم، وثبُت أن هناك صلة بين الإفراط في استخدام الأجهزة المحمولة وانخفاض جودة النوم؛ إذ يظل الأطفال مستيقظين حتى وقت متأخر في التحدث إلى الأصدقاء أو ممارسة الألعاب أو التنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يتسبب في الإرهاق والأرق، مما يحرم عقولهم من احتياجاتها الأساسية والعمليات الضرورية التي تحدث أثناء فترة النوم.
اقرأ ايضاً: كيف تُعلمين طفلك آداب النوم؟
يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية أيضًا إلى تعريض الأطفال للتنمر عبر الإنترنت، والذي تم ربطه بالاكتئاب والانتحار، ويمكن أن يؤدي إلى تشتيت انتباه الأطفال عن المهام المهمة، وعادةً ما تظهر التأثيرات السلبية للإنترنت على المهارات الاجتماعية للطفل،
لأنه عندما يقضي الكثير من الوقت على هذه الأجهزة ينفصل عن الحياة الواقعية، ويتوقف عن التواصل والتفاعل والمشاركة، ويكتفي بما يحصل عليه من مدح ومكافأة وتقدير في العوالم الافتراضية، هذا بالإضافة إلى احتمالية اكتسابه بعض السلوكيات العدوانية بسبب التعرض للمحتوى العنيف في بعض الأحيان.
اقرأ ايضاً: علامات الاكتئاب عند المراهقين، وكيف يمكن التعامل معها
الأجهزة الذكية قد تُعطل الحياة الأكاديمية وتُضر بالأداء المدرسي خاصةً عندما ينام بسببها في وقت متأخر، مما يشعره بالنعاس الشديد ويُفقده القدرة على التركيز في اليوم الدراسي التالي، وقد يتضاعف تأثير ذلك عندما يحمل الأطفال الهواتف معهم إلى مدارسهم؛ إذ تزداد الدردشة مع الأصدقاء أو ممارسة الألعاب أثناء فترات الراحة المدرسية أو حتى في الفصل، مما ينتج عنه فشل في الانتباه، وتفويت الدروس المهمة، وتداخل وقت الواجب المنزلي مع وقت الترفيه، وبالتالي تكون النتيجة النهائية ضعف المستوى الدراسي.
اقرأ ايضاً: ما هي أسباب التأخر الدراسي عند الأطفال، وكيف نعالجها؟
أجرت جامعة كورنيل الأمريكية توموي كانايا بحثًا علميًا في تسع مدارس بين أعضاء من أعراق ومجموعات اجتماعية مختلفة، ووفقًا لهذه الدراسة التي أجريت على ما يقرب من 9 آلاف طالب ثبُت أن درجات الذكاء الجيل الحالي أعلى من الجيل السابق، ويربط الخبراء هذا التأثير مباشرة بالتكنولوجيا مرجحين أن تكون زيادة عدد المنتجات التكنولوجية في حياة الأطفال لعبت دور المحفزات، فأصبحوا قادرين على حل مشاكل أكثر تعقيدًا، وهذا تأثير إيجابي للإنترنت على الأطفال لا يمكننا أن نندم عليه.
اقرأ ايضاً: ما هي نظرية الذكاءات المتعددة؟
الاكتفاء الذاتي أحد أهم الجوانب الإيجابية للأجهزة الذكية، فمن خلال التوجيه والدعم المبكر، يمكن للوالدين والمعلمين مساعدة الأطفال على تعلم كيفية التنظيم الذاتي للوقت الذي يقضونه على هواتفهم، وسيساعدهم هذا الدرس على ممارسة الوعي الذاتي الصحي، بالإضافة إلى ممارسات التأمل الذاتي التي من شأنها إعدادهم بشكل أفضل لمرحلة المراهقة ثم لمرحلة البلوغ بتدعيم ثقتهم في أنفسهم.
اقرأ ايضاً: كيف تجعل طفلك قوي الشخصية؟
يمكن للطلاب الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الهاتف الذكي العثور على المساعدة بسرعة أكبر في حالة الطوارئ المؤسفة والعاجلة، وهذه القدرة المستمرة على الاتصال بخدمات الطوارئ والوصول للمساعدة عند الحاجة يمكن أن توفر إحساسًا بالأمان لكل من الأطفال والآباء، مما يشجع الطفل على الاعتماد على نفسه، واتخاذ القرارات المناسبة في المواقف التي تتطلب ذلك.
بفضل الألعاب التفاعلية والتمارين الذهنية التي يمارسها الأطفال على الأجهزة الذكية، تتطور لديهم مهارات التفكير النقدي في وقت مبكر؛ إذ تساعدهم هذه الألعاب والتمارين التعليمية على النمو فكريًا من خلال تعزيز مهارات التفكير الاستراتيجي لديهم، ونظرًا لأن هذه الألعاب والتمارين عبر الإنترنت جذّابة لجميع الأطفال الذين لديهم اهتمامات مختلفة، فيمكنهم الاستمتاع والاستفادة في نفس الوقت، مما يحقق لهم مكسبين في وقت واحد.
اقرأ ايضاً: كيف يمكن اكتساب مهارات التفكير الناقد؟
عادة ما يكون الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة الذكية بشكل فعال أكثر استعدادًا للمشاركة التكنولوجية في المستقبل أكثر من أقرانهم الذين يتم إبعادهم عن هذه الأجهزة، لهذا أصبحت المدارس توفر وصولًا عالي السرعة إلى الإنترنت للطلاب، ليُمكنهم البدء في تطوير فهم أفضل لكيفية استخدام أجهزتهم الذكية للتنقل في الموارد عبر الإنترنت.
العالم يستمر في التغيير، وعلى الوالدين الاستمرار في التكيف، فلا بأس من أن الأجهزة الذكية أصبحت عنصرًا أساسياً في حياة الأطفال، لأن التحدي هنا هو كيفية توفير حياة صحية ومتوازنة ومتنوعة للطفل، بدلاً من التركيز فقط على سلبيات التكنولوجيا، وهذه هي نقطة البداية لمعالجة هذه الآثار السلبية، وتحسين الاستفادة من الإيجابيات، لهذا على كل ولي أمر تقبل كون الشاشات الذكية أصبحت مصدر إغراء للأطفال، والعمل على تحسين عالمهم الحالي بدلًا من محاولة دفعهم لخلق عالم مثالي غير قابل للتحقيق.
اقرأ ايضاً:
- كيف تحمي الأطفال من المحتوى الضار على اليوتيوب؟
- كيف تضر مواقع التواصل الاجتماعي الأطفال؟