يرتبط الفهم الجيد للرياضيات بمزيد من النجاح المهني وفرص التوظيف، لكن نسبة كبيرة منا تصل إلى 22٪ يعانون من صعوبات في تعلم الرياضيات، وقد يعاني حوالي 6٪ من أطفال المدارس الابتدائية من عسر الحساب، وهو إعاقة تعلم رياضية، تسبب صعوبة مستمرة في فهم الأرقام والكسور والنسب، وتعلم المهارات والمفاهيم الرياضية الأساسية، مثل العد البسيط والجمع والطرح والضرب البسيط بالإضافة إلى جداول الضرب، وفي وقت لاحق، قد يواجه هؤلاء صعوبة في التعامل مع الحقائق والإجراءات الرياضية الأكثر تقدمًا، مثل الاقتراض وعمليات البيع والشراء؛ إذ لا يؤثر عسر الحساب فقط على الأطفال أثناء دروس الرياضيات: بل يمكن أن يكون له تأثير على جميع مجالات المناهج الدراسية.
ليس من الصعب إيجاد أو ابتكار أنشطة وألعاب بسيطة تناسب الأطفال الذين يعانون من عسر الحساب بشكلٍ خاص، وذلك عبر التركيز على التعلم من خلال الأنشطة والألغاز والألعاب والتحديات بطريقة عملية، من خلال تصميم نماذج مرئية باستخدام الصور أو مقاطع الفيديو المكعبات أو الصلصال أو حتى قطع القماش الملونة، على أن يتم التركيز على جانب واحد في كل مرة، لشرح مسائل الرياضيات بوضوح، مما ينتج عنه مستوى عالٍ من الاهتمام والمتعة.
الرياضيات تنطوي على العديد من الرموز والأنماط والكلمات والإطارات والبنيات غير شائعة الاستخدام في الحياة اليومية، مثل البسط والمقام، والتربيع والتعيب، وجدول الضرب، ودرجة الزاوية، وما إلى ذلك، وهو ما يجعلها لغة ثانية بالنسبة للأطفال الذين يعانون من عسر الحساب، لهذا ينصح بخلق ترابطًا بين الرموز والأنماط والأشكال لدى الطفل، واستخدامها بشكلٍ متكرر أمامه مع إيضاح معناها والمقصود بها تحديدًا حتى لا تكون مصدرًا كبيرًا للارتباك والقلق بالنسبة له.
يتسبب عسر الحساب في نقص الإحساس بالأرقام، وهو الوعي بمعرفة كيفية تكوين الأرقام وتقسيمها، ولكن من خلال العمل على تحسين الإحساس بالأرقام، يستطيع الأطفال تطوير روابط رياضية لدعم عمليات الجمع والطرح والضرب، ويُمكننا دعم الأطفال في تطوير حسهم الرقمي من خلال تعزيز معنى الأرقام عبر السماح لهم باستكشاف طرق مختلفة لتمثيل الأرقام، لأنهم بذلك يجدون فرصة تسمح لهم بتكوين روابط دائمة تدعم إحساسهم بالأرقام وفهمهم لها، بالإضافة إلى تطوير ذاكرتهم العملية وطويلة المدى.
يمكن أن تكون مفاهيم الرياضيات أكثر وضوحًا للفهم بالنسبة لمن يعانون من عسر الحساب عندما تكون مرتبطة بشكلٍ صريح بالحياة الواقعية، للتغلب على العنصر المجرد للرياضيات؛ على سبيل المثال، بعض الطلاب متعلمون سمعيون، وبعضهم بصري، وبعضهم متعلم حركي، وقد يكون تقديم الدروس التي تناسب أساليب التعلم الحركية فعالًا بشكل خاص عند دمج مفاهيم الحياة الواقعية؛ فيستخدم المعلمون ألعاب تمثيل الأدوار لشرح كيفية حساب النسب المئوية، أو على سبيل المثال؛ يمكن تعليم الطفل الكسور والنسب من خلال إعداد وصفة طبخ، أو استخدم العملات المعدنية لحل المسائل الحسابية البسيطة.
يحتاج الأطفال المصابون بعسر الحساب إلى دعم إضافي لمساعدتهم في البقاء على المسار الصحيح في فصل الرياضيات، والتعامل مع الواجبات المنزلية والاختبارات بشكلٍ أفضل، ويمكن أن تلعب المدرسة دورًا محوريًا في تقديم الدعم لهؤلاء الأطفال بطريقة أكثر فعالية من خلال الاستعانة بالخبراء والمتخصصين التربويين أو مدرسي الرياضيات، لمساعدة الطفل على التعامل مع مسائل الرياضيات بطريقة أكثر فاعلية، وممارسة مهاراته في الرياضيات في بيئة أبطأ وأقل إجهادًا.
التشجيع الإيجابي يساعد الأطفال المصابين بعسر الحساب، لهذا من المهم أن يدعم الوالدان العمل الذي يقوم به الأطفال والجهد الذي يبذلونه، للسيطرة على هذه المشكلة، بصرف النظر عن النتيجة التي يحققونها، حتى لا يصابون بالإحباط، ويمكن تحفيز الأطفال ودعمهم عبر استخدام الإيقاع والموسيقى لتعليمهم خطوات الرياضيات، والتأكد من أن لديهم الأدوات والأجهزة التي قد يحتاجون لها لتعلم الرياضيات، مثل، القرطاسية، والممحاة، والآلة الحاسبة، والتي يسهل استخدامها لمساعدتهم في أداء واجباتهم المدرسية.