أصبح قضاء الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي أسلوب حياة تقريبًا لمعظم البالغين رغم علمهم بأضرارها البالغة على صحتهم الجسدية والنفسية، لكن إذا أصبح للأطفال نفس العادات، كيف يمكن تأمينهم وحمايتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؟ هذا ما سنجيبكم عنه في السطور التالية.
الجانب السلبي الأكثر شهرة لوسائل التواصل الاجتماعي هو الإدمان الذي تخلقه، إذ يعتقد الخبراء أن بعض الميزات مثل "الإعجابات" و"المشاركات" تنشط مركز المكافأة في الدماغ التي تعتبر حساسة للغاية خلال فترة المراهقة، وهذا يفسر جزئيًا سبب اهتمام المراهقين بوسائل التواصل الاجتماعي أكثر من البالغين، وهذه الميزات تؤثر بشكل أكبر على المزاج، فتجعل الطفل يقضي معظم يومه في متابعة المنصات الاجتماعية المختلفة التي تزيد شعوره بالسعادة، مما يقود إلى العديد من السلوكيات السيئة، وترسيخ قيم اجتماعية وثقافية غير مرغوب فيها.
على وسائل التواصل الاجتماعي، يكون الأطفال أكثر متعة وحماسة بشأن معرفة ما يفعله الآخرون بدلاً من التركيز على حياتهم الخاصة، وعادةً، يصور الناس حياتهم على أنها مثالية وسعيدة عندما يشاركونها على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه عند النظر إليها في الواقع قد لا تكون كذلك، وهذا ما يجعل الأطفال يقعون ضحية للاكتئاب والقلق معتقدين أنهم لا يتمتعون بحياة مثالية، وأنهم يستحقون أكثر مما لديهم، لهذا السبب يفضل الخبراء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة نصف ساعة يوميًا فقط، لتجنب مثل هذه الأفكار.
يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط للشاشات إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة، وتعد مشاهدة التلفزيون لأكثر من 1.5 ساعة يوميًا عامل خطر للإصابة بالسمنة للأطفال من سن 4 إلى 9 سنوات، أما المراهقون فهم أكثر عرضة لاكتساب بوزن زائد بخمس مرات مقارنة بالمراهقين الذين يشاهدون من صفر إلى ساعتين، ويساعد الإعلان عن الطعام والوجبات الخفيفة أثناء مشاهدة مقاطع الفيديو على زيادة السمنة، كما أن الإفراط في استخدام المنصات الاجتماعية يجعل الأطفال أقل استعدادًا لممارسة الرياضة والتمارين الصحية.
المحتوى المسيء والفاحش والعنيف ينتشر بشدة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وهو متاح بشكلٍ مجاني عليها، وهو أمر خطير بالنسبة لجميع الأطفال بمختلف أعمارهم، لأنه يمكن أن يتسبب في تشكيل عقولهم بشكل سلبي، أو يتسبب في اضطرابهم نفسيًا، كما يمكن أن يؤثر على جوانب أخرى من حياتهم، مثل التعليم والعلاقات الشخصية وما إلى ذلك، لهذا يُنصح باستخدام التطبيقات والبرامج التي يمكن من خلالها التحكم في الوقت الذي يقضيه الطفل على هذه المواقع، ونوع المحتوى الذي يتعرض إليه، ومن أشهرها: ESET Parental Control، Kaspersky Safe Kids، Google Family Link.
بالنسبة للشباب والمراهقين، الخوف من افتقاد الحدث أو ما يُعرف بـ “FOMO” (Fear Of Missing Out) هو نمط جديد من القلق الاجتماعي يجعل ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من حفلات، وأحداث ترفيهية واجتماعية، ورحلات تسوق، ومشتريات ألعاب الفيديو وما إلى ذلك تبدو على أنها شريان الحياة بالنسبة لهم في هذا العالم، مما يدفعهم إلى قضاء معظم وقتهم على مواقع التواصل الاجتماعي محاولين متابعة كل جديد حول اهتماماتهم أو أصدقائهم حتى لايشعرون أن شيئًا هامًا قد فاتهم.
التنمر الإلكتروني أحد أكثر التأثيرات شيوعًا وخطورة لوسائل التواصل الاجتماعي خاصة بالنسبة للأطفال الأصغر عمرًا، لأنهم لا يقدرون على تصنيفه، فيعتقدون أن السبب في تعرضهم لإساءة ما أو وصف جارح هو مشكلة في شخصيتهم، وليس خلل لدى الشخص المسيء، وجدير بالذكر أن هذه الممارسة أصبحت شائعة جدًا خاصة بين المراهقين، ففي بعض الحالات، يحاول الأطفال الانتحار بسبب الإذلال وعدم التقدير الذي يواجهونه على وسائل التواصل الاجتماعي.
تنصحنا التقارير على مر السنين بإيقاف تشغيل أجهزتنا الإلكترونية قبل النوم بساعة واحدة على الأقل -والأفضل ساعتين- لأن الضوء المنبعث من الأجهزة الإلكترونية يعطل إيقاع الساعة البيولوجية، وبالتالي عندما يستخدم الأطفال الأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية قبل النوم مباشرة، ويضعونها بجانب أدمغتهم أثناء النوم يؤثر ذلك على قدرتهم على النوم، وتؤدي قلة النوم إلى مشاكل صحية إضافية، كما يمكن أن تؤثر على الأداء الأكاديمي للطفل وسلوكه وشهيته، لأنه وفقًا للدراسات، يحتاج الطفل والمراهق العادي إلى 9.5 ساعات من النوم لينمو وينضج بشكلٍ صحيح.
يقلق العديد من الآباء بشأن كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على نمو الأطفال في جميع المراحل العمرية، خاصةً فيما يتعلق بالأطفال في سن ما قبل المدرسة، لأن الأطفال في هذا العمر يكتسبون مهارات اجتماعية ومعرفية جديدة بوتيرة مذهلة، والأمر ذاته في مرحلة المراهقة التي يمارس فيها الطفل سلوكيات أكثر كثافة وحميمية على المنصات الاجتماعية، لهذا على الوالدين الانتباه جيدًا إلى كيفية تعامل أبنائهم مع هذه المواقع، ومراقبتهم عن بُعد، والتدخل بشكلٍ غير مباشر لتعديل سلوكهم، وبشكلٍ مباشر في حالات الخطر القصوى.