عندما يتصرف الطفل على نحو غير لائق مثلًا تعطيل الأنشطة، أو تجاهل القواعد، أو استفزاز الآخرين، أو الاندفاع في تحدٍ لقوله "لا" تشعر الأسرة بأكملها بأنها عاجزة عن التحكم في قلق الطفل أو غضبه أو كيفية استجابته فيكونون في حيرة من كيفية إعادته إلى الاستقرار النفسي والعاطفي، ليعود إلى حالته الطبيعية في بيئة أسرية إيجابية، فما هي الاضطرابات السلوكية، وما هي أبرز مسبباتها، وما أكثر الاضطرابات السلوكية شيوعًا بين الأطفال؟
تُعرَّف الاضطرابات السلوكية على أنها أنماط من السلوك لدى الأطفال تستمر ستة أشهر على الأقل، وهي سلوكيات تخريبية تؤدي إلى مشاكل في المدرسة أو المنزل أو في المواقف الاجتماعية، فهو مصطلح عام يشير إلى الأفعال أو العواطف المستمرة وغير الملائمة التي تحدث في ظل الظروف العادية، على سبيل المثال.
وجدير بالذكر أنه يُظهر جميع الأشخاص العديد من هذه السلوكيات في مرحلة ما من حياتهم ولكن بالنسبة للأطفال الذين يعانون من اضطرابات سلوكية، فهذه ليست مواقف أو تجارب معزولة بل هي أنماط من السلوكيات التي حدثت لأكثر من نصف عام، وهو فترة طويلة في حياة الطفل، فالاضطراب السلوكي قد يكون سلوكيات طبيعية لجميع الأطفال في بعض الأحيان، ولكن إذا أصبح مستمرًا ومنتظمًا، فقد تكون هذه علامات على اضطراب أكبر.
تشير بعض الدراسات إلى أن عيوبًا أو إصابات في مناطق معينة من الدماغ يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات سلوكية؛ إذ تم ربط اضطراب السلوك بمناطق دماغية محددة تشارك في تنظيم السلوك والتحكم في الانفعالات والعاطفة، وقد تحدث أعراض اضطراب السلوك إذا كانت دوائر الخلايا العصبية على طول مناطق الدماغ لا تعمل بشكل صحيح.
العديد من الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب السلوك لديهم أفراد عائلات مقربون يعانون من أمراض عقلية، بما في ذلك اضطرابات المزاج واضطرابات القلق واضطرابات تعاطي المخدرات واضطرابات الشخصية، ويشير هذا إلى أن القابلية للتأثر باضطراب السلوك قد تكون موروثة جزئيًا على الأقل.
قد تساهم عوامل مثل الحياة الأسرية غير المتزنة، وإساءة معاملة الأطفال، والتجارب المؤلمة، والتأديب غير المتسق من قبل الوالدين في تطور اضطراب السلوك، كما يبدو أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض يؤثر في هذا الصدد كذلك.
يعتقد بعض الخبراء أن اضطرابات السلوك يمكن أن تعكس مشاكل الوعي الأخلاقي (عدم الشعور بالذنب والندم على وجه الخصوص) والعجز في المعالجة المعرفية، وعدم قبول الأطفال من قبل أقرانهم، مما يعد من عوامل خطر تسبب تطور اضطراب السلوك.
عندما يتصرف الأطفال باستمرار بما يتسبب في مشاكل خطيرة في المنزل أو في المدرسة أو مع أقرانهم، فقد يتم تشخيصهم باضطراب التحدي المعارض - Oppositional Defiant Disorder (ODD) الذي يبدأ عادة قبل سن 8 سنوات، وفي موعد لا يتجاوز 12 عامًا تقريبًا، ومن المرجح أن يتصرف الأطفال المصابون بهذا الاضطراب بالمعارضة أو التحدي تجاه الأشخاص الذين يعرفونهم جيدًا مثل أفراد الأسرة أو مقدمي الرعاية المنتظم أو المعلمين بشكلٍ أكثر من الأطفال الآخرين في نفس سنهم.
ومن أشهر أعراض هذا الاضطراب:
يتم تشخيص اضطراب السلوك - (CD) Conduct Disorder عندما يُظهر الأطفال نمطًا مستمرًا من العدوان تجاه الآخرين مصحوبًا بانتهاكات خطيرة للقواعد والأعراف الاجتماعية في المنزل والمدرسة ومع أقرانهم، وقد تؤدي هذه الانتهاكات إلى خرق القانون، وربما تؤدي إلى الاعتقال، والأطفال المصابون به يكونون أكثر عرضة للإصابات الجسدية، وقد يواجهون صعوبات في الانسجام مع أقرانهم.
ومن أشهر أعراض هذا الاضطراب:
يُعتقد أن حوالي 2 إلى 5 في المائة من الأطفال يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط - Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder (ADHD)، حيث يفوق عدد الأولاد عدد الفتيات بنسبة ثلاثة إلى واحد، يمكن أن تشمل خصائص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ويعاني المصابون به من عدم الانتباه وصعوبة في التركيز، مما يجعلهم يتجنبون المهام التي تتطلب مجهودًا ذهنيًا كبيرًا.
ومن أشهر أعراض هذا الاضطراب:
اضطراب ما بعد الصدمة - (PTSD) Post-Traumatic Stress Disorder هو اضطراب سلوكي يعاني منه الأطفال الذين مروا بحادث مؤلم أو مرهق كانت له آثارًا عاطفية طويلة الأمد، أو شهدوا على واقعة أثرت بشكل كبير في حالتهم النفسية وصحتهم العقلية، مثل فقدان أحد الوالدين، أو التعرض لحادث مروري، أو للاعتداء الجنسي، مما يجعلهم يتجنبون جميع الأشخاص والأماكن المرتبطة بهذا الحادث أو تلك الواقعة، ويشعرون طوال الوقت بخدر عاطفي.
ومن أشهر أعراض هذا الاضطراب:
جميع الأطفال يسيئون التصرف في بعض الأحيان، وقد يعاني البعض من مشاكل سلوكية مؤقتة بسبب الإجهاد، وغالبًا ما تكون مثل هذه المشكلات انعكاسًا لضغوطات الطفل الاجتماعية وبيئته وحالته التنموية، لكن على الرغم من أن غالبية المشكلات السلوكية مؤقتة، إلا أن بعضها قد يستمر أو يكون من أعراض اضطرابات النمو العصبي وهنا يجب الانتباه عندما يحدث خلل ما في سلوك الطفل، ليُمكن قياس درجته، ومن ثم تحديد ما إذا كان مؤقتًا أم دائمًا، وبشكلٍ عام، يجب تعلم استراتيجيات سلوكية فعالة لتعزيز السلوكيات المرغوبة لدى الأطفال، وفي حالات الاضطرابات السلوكية المتقدمة، على الوالدين طلب المساعدة والاستشارة من الأطباء ومقدمي الاستشارة.