عقاب الطفل بشكلٍ حاد قد يُشعر الوالد بالتحسن، إلا أنه لن يُغير سلوك الطفل؛ فالصراخ والضرب أساليب ضررها أكثر من نفعها بكثير، لأنها قد تعمل فقط على المدى القصير، بينما على المدى الطويل تجعل الطفل أقل تعاونًا، واتصالًا بوالديه، وتسبب ضررًا نفسيًا بالغًا يجعلهم أكثر عرضة للتصرف بأنانية وعدوانية وعدم أمانة، وقد يتطور الأمر فيتجه الأطفال إلى الكذب والسرقة والقتال، وهو ما يعوق تنمية بوصلتهم الأخلاقية، لهذا عند عقاب الطفل يجب تحديد عقوبة واحدة والاتزام بتطبيقها في كل مرة يرتكب الطفل نفس الخطأ، على أن يكون هذا العقاب مناسبًا وواقعيًا وغير مبالغ فيه بالنسبة للطفل وعمره وحجم الخطأ الذي ارتكبه، وبخلاف الاعتذار عن الخطأ، هناك مجموعة من استراتيجيات العقاب الفعّالة التي يمكن اتباعها لعقاب الطفل، دون تعريضه للأذى.
الهدف من هذه الاستراتيجية ليس عقاب الطفل بمعناه الحرفي، ولكن مساعدته على تعلم اتخاذ خيارات أفضل للمستقبل، وهو ما يتطلب الممارسة، وذلك عبر تعليمه أنه إذا اتخذ قرارًا سيئًا أو ارتكب خطأ فادح، ستكون النتيجة فقدان امتياز ما يحصل عليه، أي أنه يجب أن تكون الخسارة مرتبطة بالسلوك، فجزء من النمو هو إدراك أن لكل فعل نتيجة ورد فعل، ليتعلم الأطفال تحمل المسؤولية.
ولتطبيق هذه الاستراتيجية، يجب أن تُعلم طفلك بكل هدوء دون غضب ما هي الممارسات التي سيحرم على إثرها من الامتيازات لتكون لديه فرصة للتصرف بالشكل الصحيح من خلال شرح عواقب سلوكه السيء، مع التوضيح له متى يمكنه استعادة تلك الامتيازات، وهي عادةً تكون 24 ساعة، لأنها مدة كافية لتعليم الطفل التعلم من أخطائه.
أمثلة على تطبيق عقاب "حجب الامتيازات":
استراتيجية إصلاح الأخطاء ليست مخصصة للأطفال فقط، بل هي استراتيجية عقاب فعّالة مع أي شخص في أي عمر، لذلك يُنصح بتعليم الطفل هذا الدرس المبكر الذي مفاده أننا جميعًا علينا أن نصلح ما نفسده، طالما كنا السبب في إفساده، فهذه الاستراتيجية ستجعل طفلك أكثر قدرة على تحمل المسؤولية، وأكثر التزامًا بالقواعد والقوانين، لأنه عندما يتحمل الطفل نتيجة أفعاله، يخسر من وقته وجهده لإعادة الأمور مثلما كانت عليه، مما سيُربي طفلًا قويًا وشجاعًا وواثقًا في نفسه.
ولكن يجب الانتباه إلى عدم توجيه أي لوم للطفل عند تطبيق هذا العقاب، خاصةً أمام الغرباء، حتى لا يشعر بالخجل، ويقل احترامه لذاته وتقديره لنفسه، فنموذج الإصلاح مع تقديم الاعتذار يكون كافيًا لعقاب الطفل، دون التسبب في أي مشاعر سلبية تؤثر على صحته النفسية لاحقًا.
أمثلة على تطبيق عقاب "إصلاح الأخطاء":
إذا لم يؤد اتباع عقاب فقدان الامتيازات أو إصلاح الأخطاء تقويم سلوك الطفل، فإحدى استراتيجيات العقاب الفعّالة التي يمكن اتباعها هي الوقت المستقطع، فهي أداة انضباط ممتازة للأطفال، ينصح الخبراء باتباعها، خاصةً مع الأطفال الذين لا يرتكبون أخطاءً فادحة، ويقتصر سوء سلوكهم على عدم اتباع التعليمات، أو اتباعها بشكلٍ مختلف عن عمد، كما يمكن أن يساعد وقت العقاب الطفل الهائج على التهدئة وتثبيط السلوك السيئ، ولكن يجب عدم الإفراط في استخدامه حتى لا يسبب نتائج عكسية.
وبناءً على ذلك، يمكن محاولة تجربة الوقت المستقطع للمخالفات البسيطة إذا بدا طفلك على استعداد للتصرف بعد مهلة سريعة من التأديب، ولكن إذا أصبح أكثر غضبًا أو لا يبدو منزعجًا من العقاب، فعليك التفكير في استخدام أساليب عقاب أخرى، مع الأخذ في الاعتبار أنه يجب أن يختلف مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل في الوقت المستقطع بناءً على عمر الطفل وخطورة سوء سلوكه، وجدير بالذكر أن المهلة المُتعارف عليها عادةً هي حوالي دقيقة واحدة من الوقت المستقطع لكل سنة من عمر الطفل.
أمثلة على تطبيق عقاب "الوقت المستقطع":