تبدأ التأتأة عند الأطفال في الغالب بين عمر عامين وأربعة أعوام، ويحدث هذا عندما يبدأ الأطفال في الجمع بين الكلمات وإنشاء جمل أطول، ويمكن أن تبدأ التأتأة فجأة أي يستيقظ الطفل يومًا ما بها، كما يمكن أن تتطور تدريجيًا بمرور الوقت، وعادةً يمر العديد من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة بفترات من التأتأة تجعلهم يكررون كلمات أو عبارات كاملة، أو يستخدمون الكثير من كلمات الوصل، لأنه يبدو أنهم يواجهون صعوبة في التوصل إلى نطق كلمة ما بشكل صحيح، وقد تأتي مراحل التأتأة هذه وتذهب بينما يمر الطفل بفترات قصيرة من التطور اللغوي، فما أسباب هذه الظاهرة وكيف يمكن علاجها عند الأطفال؟
تجنب التصحيحات أو الانتقادات المتكررة، فلا تفرط في استخدام كلمات مثل "تمهل" أو "خذ وقتك" أو "خذ نفسًا عميقًا" مع طفلك، لأن مثل هذه التعليقات وإن كانت حسنة النية، فهي ستجعل طفلك يشعر بمزيد من التوتر وعدم الثقة والإحباط، وعوضًا عن ذلك يفضل أن تتحدث مع طفلك بشكلٍ أبطأ وتنتظر وقت أطول عند الاستماع إليه، وعليك أن تفكر في استراتيجيات تساعد في تهدئة طفلك عندما يكون متحمسًا أو غاضبًا أو محبطًا أو مستاءً حتى لا يندفع عند الكلام، وتظهر التأتأة، وقلل عدد الأسئلة التي تطرحها عليه ليتحدث بحرية أكبر، فالأطفال يفضلون التعبير عن أفكارهم الخاصة بدلاً من الإجابة على أسئلة الكبار.
غالبًا ما يصاب الأطفال بالإحباط بسبب مقاطعتهم عند محاولتهم التواصل، وهذا لأن الأطفال الذين يعانون من التأتأة يجدون صعوبة في التعبير عن أنفسهم، لهذا عندما يجد هؤلاء الأطفال أذنًا مستمعة لهم بإنصات، يُحدث ذلك فرقًا كبيرًا في الطريقة التي يتحدثون بها، ومن هنا ننصحك بتخصيص بعض الوقت للاستماع لطفلك فقط كل يوم، ويمكن أن يكون ذلك بعد العودة من المدرسة، أو عندما يكون لديه الكثير ليشاركه حول تجاربه، أو قبل أن يخرج مباشرة للعب؛ إذ يُتيح وقت الاستماع الجيد لطفلك معرفة الكثير عنه مما يجعلك تتعرف على مصادر القلق لديه، وتتغلب عليها.
تجنب جعل طفلك يتحدث أو يقرأ بصوت عالٍ عندما يكون غير مرتاح أو عندما تشتد حالة التأتأة لديه، بدلاً من ذلك، شجعه خلال هذه الأوقات على الأنشطة التي لا تتطلب الكثير من الكلام، وننصحك أيضًا بألا تقاطعه أو تطلب منه بدء حديثه من جديد، أو أن يفكر قبل التحدث، لأن مثل هذه الإرشادات لا توفر بيئة صحية للطفل تساعده على العلاج، وأهم خطوة من خطوات العلاج هي توفير جو هادئ في المنزل، ومحاولة إبطاء وتيرة الحياة الأسرية، لتتماشى مع ظروفه، لذلك ننصحك بالحفاظ على التواصل البصري عند التحدث مع الطفل، وعدم النظر بعيدًا أو بشكل تبدو عليه علامات الانزعاج.
يخبرنا العديد من البالغين الذين يتلعثمون أن أفضل شيء فعلوه على الإطلاق هو مقابلة أشخاص آخرين مصابين بالتأتأة سواء في النادي أو المدرسة أو في المراكز المخصصة لعلاج مشكلات النطق أو حتى عبر الإنترنت، إذ يوصي معظم المعالجون بمثل هذه الأحداث أو الجلسات الجماعية الصغيرة، لأنها تساعد بشكل كبير في علاج التأتأة عبر دعم الطفل في العثور تجارب اجتماعية مع أشخاص يعانون من نفس مشكلته، مما يجعله يتعامل مع هذه المشكلة بشكل أفضل، ويتعامل بفعالية وإيجابية أكبر في المواقف المختلفة.
تحدث مع طبيبك إذا كنت قلقًا بشأن التأتأة لدى طفلك، خاصةً إذا كانت أعراض التأتأة تزداد لدى طفلك، ولا تتحسن حتى مع اتباع التمارين والنصائح، والالتزام بالإرشادات، وقد يحيلك طبيبك إلى أخصائي أمراض النطق واللغة الذي يمكنه تقييم طفلك ومعرفة ما إذا كانت التأتأة تشكل خطرًا عليه ربما يكون طويل الأمد، ولا داعي للقلق، لأنه جدير بالذكر أن معظم حالات التأتأة مع الأطفال يركز علاجها بشكل أكبر على التدريب والعمل مع الوالدين لتطوير تقنيات تساعد الطفل على تجاوز هذه المشكلة.
التأتأة هي مشكلة في الكلام تجعل من الصعب على الأطفال التحدث بسلاسة، وغالبًا ما يتلعثم الأطفال في بداية الجمل، ولكن يمكن أن تحدث التأتأة أيضًا في وسط الجمل، وعندما يصاب الطفل بالتأتأة فهو قد يرمش بعينه أو يمتعض أو يشد وجهه، مما يجعل الكثيرون حوله يلاحظون ذلك، وهو ما يشعر به، ويفقده ثقته في نفسه بشكلٍ كبير، لهذا ينصح بمحاولة التصدي لهذه المشكلة وعلاجها بمجرد ظهورها لدى الطفل حتى لا تؤثر لاحقًا عليه بشكلٍ أكبر.